اللطخة الثانية : ما هي السوابق؟
قبل البدء، كم اسعدني تفاعلكم وكم احزنني عدم فهم المنشور لدى من وجهت لهم المعلومات ليستفيقوا من غفوتهم…لم اتحامل على زميلي السيد قيس سعيد لأن اخلاقنا تفرض التعالي عن صراعات الرعاع وتحتم اعتمادنا على مستوى أكاديمي يليق بشعبنا
اواصل
حين اندلعت ثورة الياسمين (التسمية الامريكية) اغرقت الميديا بشعار « الثورة التي ابهرت العالم »…و »الثورة الفريدة » و »الشعب الذي اعطى دروسا للعالم »…حينها، قمت ببعض الابحاث حول هذه الشعارات في بعدها السيمياءي، فكانت صدمتي كبرى، حيث اكتشفت ان هذه الشعارات هي بنفسها ولا تختلف في شيء عن تلك التي رفعت في ثورة الورد في جورجيا وثورة البرتقال في اكرانيا وثورة الارز في لبنان
لم تعطى اية اهمية لهذا التجانس الغريب الذي يحيل الى نفس العقل الى ان بدأت تخرج التسريبات الخاصة بمشاريع « الثورات الملونة » وخاصة بعد كشف كتابات جان شارب
Gene Sharp
وتطبيقات الحركات الاحتجاجية الموجهة للمفكر ادوارد برنانيس
Edward Bernays…
مؤسس علم التحكم النفسي الجماعي عبر الميديا والاتصال الجماهيري
Manipulation psychologique via les médias de masse
وقد لاقت هذه الكتابات قبولا وتطبيقا لدى اندلاع مشروع الشرق الاوسط الجديد في نسخته الثانية (ما بعد خطاب اوباما في جامعة القاهرة سنة 2009) والذي سمي بالربيع العربي من عند مهندس كل هذا الحراك العميل المخابراتي الامريكي واكبر مفكري الراند كوربورابشن
Rand Corporation
الدكتور هامون كاهن
Dr. Hamon Kahn
والتي تعتبر أهم مجموعة تفكير وفعل امريكية في منطقتنا
لنتصور الآن أي منا يخرج في زخم « الحراك الثوري » في 2011 أو 2012 ويعلن هذه الترابطات المشبوهة بين مشاريع استخباراتية امريكية من جهة وحالة الانكار الفوضوية التي تمكنت ببلادنا انذاك؟ ما كانت المواقف المنتظرة من أصحاب الصوت العالي والحقيقة المطلقة انذاك؟ تعرفون الجواب
…..
لذا، تعتبر التجارب المتقاربة والتي تتبع نفس الطرق والأهداف مجالات بحث تنير جوانب من الحقاءق التي يستهزا البعض منها ويحيلونا على هوسنا بنظرية المؤامرة. لذلك ولانهاء النقاش حول هذه المسالة، احيلكم لمهندس الحراك في منطقتنا العربية هامون كاهن حين قال : انا لا اتعامل مع الفرضيات بل مع التنبؤات التي تحقق نفسها
Les prédications auto réalisatrices
هذا الشخص نجده الى جانب مارك تورنبول
Mark Turnbull
مؤسس عديد الشركات الستار التي خلفت كامريدج اناليتيكا في اكبر فضيحة تلاعب عبر الفايسبوك والمعطيات الرقمية الشخصية بمناسبة انتخابات كينيا
نعم كينيا الدولة الأفريقية…وتلتها تدخلات لشركات تابعة ومنبثقة عن الشركة الأم المنحلة كامبريدج اناليزيس…مثل: اس.سي.ال إلِكسيون » في انتخابات المكسيك وماليزيا وحتى البرازيل
وقد اعتمدت هذه الطرق المنهجية في التهديف على ابحاث الجامعي ورجل الأعمال الكسندر كوغان
Alexander Kogan
والباحثة في جامعة برنستون الامريكية زينب توفيقي
ما أحب أن اقوله هنا
1/حين اعلن الباحثون عن تورط شركات توجيه الراي الانتخابي عبر فايسبوك في كينيا، تجندت الاقلام لدحض الفرضية واستعملت نفس خطاب الحملة في تونس…ولكن من فضح بالدليل (تسجيل فيديو اعترف فيه تورنبول بانه صانع انتصار الرءيس الكيني وتطلعه لاعادة التجربة في دول أخرى) هي…الصحافة!!! نعم الصحافة الاستقصاءية الحقيقية
2/ قادت التدخلات في الانتخابات في كينيا الى كارثة سياسية والى الغاء النتاءج بعد مدة وصراع مدني مرير…بعد أن افتضح أمر التدخلات
3/ كل الدول التي استهدفت موجودة في محاور جيوسياسية مرتبطة بمشروع الصين المسمى بطريق الحرير وعقد اللؤلؤ أو ضمن الاستراتيجيات الامريكية لتفكيك الاتحاد الاوروبي واضعاف مشروع التواصل الاورو-اسيوي.
واسمحوا لي في الأخير ان اطرح هذا السؤال كمدخل للطخة الليلة القادمة…لماذا ترفع نفس الشعارات في حملة انتخابية « شبابية » في تونس وفي حراك « شبابي » في الجارة الجزاءر في نفس التوقيت والمطالبة باسقاط « السيستام » بالكامل؟ اهو لفسح المجال امام هذا « الشباب » أم لتعبيد الطريق امام القادم من مجهول … اتصوره قوة خارجية تتطلع لاعادة تركيب منطقتنا وفق مصالحها ورؤاها بعد أن يكون البعض قد فكك القديم على الأرض
في انتظار تفاعلاتكم…احبتي
بقلم رافع طبيب