صدق نزار قباني عندنا سئل ذات يوم عن حال العرب فأنشد وقال: « حين يصير الفكر في مدينة مسطحا كحدوة الحصان .مدورا كحدوة الحصان..وتستطيع كل بندقية يرفعها إنسان ان تسحق الانسان..فيموت كل شيئ »..وهذا ما ينطبق على ماساة سيد احمد ..هذا الرجل الحقوقي الذي كرس حياته للدفاع عن الشرعية والحقوق المهدورة بصوت عال..وباسلوبه الساخر ليجد نفسه مصنفا « كارهابي »..ويقاد مكبل اليدين امام قاضي جرائم الإرهاب ..قيدوه من بوشوشة إلى حيث قطب مكافحة الإرهاب منذ ساعات الفجر وادخلوه مكتب التحقيق والكلبشة في معصميه حتى تكتمل الصورة لديه بانه من صنف الارهابيين .. »وان كان بالفكر والقول »..واجزم انه لم يتخيل يوما بان مصير المثقف والمناضل هو ..كده..وكيف كيف
دخل مكتب التحقيق وكان في حالة صحية يرثى لها والتعب والأرق قد نال منه جسدا..استأذنت بالدخول وعانقته طويلا ..وأعلمته بان من خيرة ما تعج به المحاماة وراء الباب..فرد .. »بانه لم ينم ولم ياكل شئ منذ يومين في بوشوشة. »..والمنى.. ان تنتهي ماساة ايقافه اليوم بالسراح..او بالمرتاقية..لان السجن ارحم من غرفة الإيقاف التحفظي
ثم كان رئيس الفرع على راس لجنة الدفاع ان يطلب من التحقيق الإذن للمحامين بالدخول بعد ان رتب قائمة في من سيتولى الترافع في الشكل من المحامين وبعدد محدود..على اعتبار تهاطل الإعلامات بالنيابة من الزملاء من كل ولاية..وحضور ما فوق 100 بالقطب ومن كل الأصناف العمرية للمحامين إلا انه فوجئ بقلم التحقيق وهو يحدد الحضور ب4 محامين فقط..وهو اجراء مفاجئ ولم نخله طيلة تاريخ المحاماة وحضورها بكل المحاكمات السياسية من زمن الزعيم بورقيبة ومرورا ببن علي
رفض المحامون هذا القيد ..واشعروا التحقيق بان مهمة الدفاع الموكولة لهذا السرح العتيد لا يمكن لاي سلطة ان تحدده بحجة القانون ورسالة المحاماة التي خلقت من اساسها حرة في تحديد مهامها..وطريقة دفاعها..لذلك رفضت المحاماة هذا القرار وانسحبت بعد ان قدمت ملفا طبيا له يتضمن فيما يتضمن إصابته بجلطة قلبية يعالج من اجلها منذ زمن ليس بالبعيد..وغادرنا مكتب التحقيق دون مقر القطب في انتظار المآل وان كان كل شي يوحي منذ الصباح ..ببطاقة الإيداع بسجن ڤوانتانامو »فالطريق المؤدية للقطب « بها العديد من البراجات..وبزايد اعوان ..وسيارات تلعلع بدويها في السماء.. »..وبالداخل كان مكتب التحقيق محروسا حسن جدا(تري بيان) والأعين تكاد تنطق بسوء المصير
مكثنا ورحنا مجيئا وذهابا بأروقة المكان إلى ان استفدنا بصدور بطاقة الإيداع ضد سيد احمد بدون استنطاق ولا كلام ..ولا تبيان للحجة والبرهان ..ايداع ..واكاهو..قررنا المغادرة..بعد هذه النكسة الاخرى والطعنة التي لم نكن لنتخيلها في هذا الزمن الذي انتفت فيه المحاكمات بحزمة الاجراءات والضمانات ..ونزول سيد احمد « مكبشلا »..إلى « الجيول »…إلا أن احدى الزميلات مقربة من عائلته ارادت ان تمكنه من « تبديلة لادبا شه ..فدخلت تستأذن له ذلك ..وهذا مطلب يستجاب له كأنسان ..إلا انها لم تمكث كثيرا لتخرج وهي مزمجرة..مكفهرة..وأشعرتنا بان مطلبها ايضا جوبه ب « ناينْ »..وهكذا اسدل الستار في الطور الاول من التحقيق في انتظار ما تبقى لنا من مواقف وإجراءات..فصبرا يا صديقي سيد احمد..صبرا..وكوراجا….فالمحاماة والأحرار ..لن يدعونك وحدك
عبدالستار المسعودي