الاحتجاجات الاجتماعية والحقوقية تتصاعد في تونس

كشف التقرير الدوري لرصد الاحتجاجات الاجتماعية الذي يصدره المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية تسجيل تصاعد كبير في الحراك الاجتماعي، إذ سجّل شهر نوفمبر الماضي أكبر عدد من التحرّكات الاحتجاجية في تونس منذ بداية عام 2024 الذي شارف على نهايته. وسجّلت وحدة الرصد التابعة للمنتدى 330 تحرّكاً احتجاجياً في الشهر الماضي، بزيادة وصلت نسبتها إلى 10% مقارنة بشهر أكتوبر الذي سبقه.

ووفقاً للتقرير الصادر اليوم الجمعة، عكست مطالب شهر نوفمبر الماضي شعوراً كبيراً بالضيق وعدم الرضى المجتمعي في تونس، وقد بلغت التحرّكات المنددة بالعنف والاعتداءات 126 تحرّكاً، الأمر الذي يمثّل نسبة 38% من المجموع العام للتحرّكات المرصودة باختلاف أشكالها. كذلك احتلّ المدرّسون في المرحلتَين الابتدائية والثانوية، في شهر نوفمبر الماضي، الصدارة بين الفاعل الاجتماعي الأكثر احتجاجاً ومطلبية الذي شارك في 160 من التحرّكات المسجّلة، وهي تقريباً نصف التحرّكات التي شهدتها مختلف محافظات البلاد على امتداد شهر كامل. وقد أتى بعده السكان مع 35 تحرّكاً، ثمّ الناشطون مع 25 تحرّكاً، والعمّال مع 22 تحرّكاً، فالفلاحون مع 20 تحرّكاً

وشرح المتحدّث باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادي رمضان بن عمر لـ »العربي الجديد » أنّ الحراك الاجتماعي عاد بوتيرة عالية في تونس، إذ إنّ « الوضع الاقتصادي والاجتماعي وصعوبة الوصول إلى الخدمات العامة أدّيا دورَين مهمَّين في التحرّكات المواطنية المسجّلة في الفترة الماضية ». أضاف بن عمر أنّ « عملية الرصد التي يقوم بها المنتدى أظهرت خريطة متنوّعة من الاحتجاجات، شكلاً ومضموناً »، مشيراً إلى أنّ :الاحتجاجات الاجتماعية شملت قطاعات منظمة، من بينها قطاع المدرّسين والمزارعين، وكذلك عمّالاً في المصانع. يُضاف ذلك إلى احتجاجات أخرى تعلّقت بنقص المواد التموينية مثل البطاطس، وارتفاع الأسعار ونقص المرافق الحياتية الأساسية، من أبرزها النقل

وبيّن بن عمر أنّ « بوادر تصاعد الاحتجاجات الاجتماعية ظهرت منذ شهر سبتمبر/ أيلول الماضي، غير أنّها سجّلت مستوى قياسياً في نوفمبر الماضي الذي كان الأكثر غضباً في أكثر من قطاع ». وقال إنّ « التغيّرات السياسية التي عاشتها تونس في الأشهر الأخيرة لم تلبّ احتياجات الفاعل الاجتماعي في تونس، فاتجه تدريجياً نحو تعزيز حضوره في الساحات والتعبير عن رغبته في مكاسب اجتماعية جديدة ». وبالإضافة إلى الاحتجاجات ذات الطابع الاجتماعي، أشار بن عمر إلى : تسجيل تحرّكات ذات طابع حقوقي في الشهر الماضي، إذ أقامت منظمات المجتمع المدني والناشطين الحقوقيين وقفات احتجاجية تنديداً بمحاولات تكميم الأفواه والترهيب والتخويف من قبل السلطة القائمة، كذلك نُظمت وقفات مساندة أمام مقار أمنية تزامناً مع تحقيقات استهدفت ناشطين وصحافيين

وقد شهدت وتيرة الاحتجاجات الاجتماعية في تونس تصاعداً تدريجياً منذ شهر سبتمبر الماضي، مع تسجيل 273 تحرّكاً، تلاها 300 تحرّك احتجاجي في شهر أكتوبر الماضي، ثمّ 330 تحرّكاً في شهر نوفمبر الماضي. وحلّت المؤسسات التربوية في صدارة المساحات التي شهدت احتجاجات في الشهر الماضي مع 162 تحرّكاً، تلتها الأماكن العامة والطرقات، ثمّ مقار السيادة والوزارات ومقار الولايات والمعتمديات. وقد جاءت مدن العاصمة الكبرى في المرتبة الأولى لجهة التوزيع الجغرافي للاحتجاجات، تلتها محافظتا القيروان وسيدي بوزيد في وسط غرب البلاد

وأبرزت البيانات الصادرة في تقرير المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أنّ أكثر من 81% من التحرّكات التي جرى رصدها في الشهر الماضي كانت منظّمة، الأمر الذي يؤكد تراجع الفاعل الاجتماعي التقليدي الممثّل في المواطن عن التحرّك والمطالبة، وذلك لفائدة النقابات والجمعيات والناشطين والحقوقيين