العفو الدولية تعتبر الإدانات الجماعية لناشطين معارضين بعد محاكمة صورية لحظة خطيرة في تونس

يشكّل إصدار أحكام قاسية بالسجن، في 19 أفريل، بحق 40 شخصًا، من بينهم شخصيات سياسية معارضة بارزة ومحامون ومدافعون عن حقوق الإنسان، بعد إدانتهم من قبل المحكمة الابتدائية بتونس بتهم ملفقة، مؤشرًا مقلقًا على مدى استعداد السلطات للمضي قدمًا في حملتها القمعية ضد المعارضة السلمية في البلاد

قالت إريكا غيفارا روساس، مديرة البحوث والسياسة وأنشطة كسب التأييد والحملات في منظمة العفو الدولية : إن الإدانة تمثل صورة زائفة عن العدالة وتوضح تجاهل السلطات التام بالواجبات الدولية المترتبة على تونس تجاه حقوق الإنسان وسيادة القانون

أدين هؤلاء الأشخاص لمجرد ممارستهم السلمية لحقوقهم الإنسانية. وقد شابت محاكمتهم انتهاكات إجرائية جسيمة، وتجاهلٌ صارخ لأدنى حقوق الدفاع، واستندت إلى تهم لا أساس لها من الصحة. وعوضًا عن إسكات المنتقدين بواسطة ملاحقات قضائية بدوافع سياسية، ينبغي على السلطات أن تُفرج فورًا، ودون قيد أو شرط، عن جميع هؤلاء المحتجزين لمجرد ممارستهم السلمية لحقوقهم الإنسانية. ويتعيّن على السلطات التونسية أن تبادر فورًا إلى إسقاط الإدانات والأحكام الجائرة. لا يجوز معاقبة أحد على ممارسته السلمية لحقوقه الإنسانية

ومن ضمن الأشخاص الأربعين المستهدفين في هذه المحاكمة، ست شخصيات سياسية معارضة: جوهر بن مبارك، وخيام التركي، وعصام الشابي، وغازي الشواشي، ورضا بلحاج، وعبد الحميد جلاصي. وهم مُحتَجَزون تعسفًا منذ بدء التحقيقات في فيفري 2023. كما صدرت أحكام على بقية المتهمين، بمن فيهم عدد من الأفراد الذين احتُجزوا في قضايا أخرى ذات دوافع سياسية مختلفة -مثل كبار الشخصيات المعارضة نور الدين البحيري، والصحبي عتيق، وسعيد فرجاني، ورياض الشعيبي المنتمين إلى حزب النهضة الحاكم سابقًا. ولا يزال آخرون، مثل رياض الشعيبي وأحمد نجيب الشابي، طلقاء، لكنهم أدينوا غيابيًا. وتستهدف القضية أيضًا المدافعين البارزين عن حقوق الإنسان كمال الجندوبي، والعياشي الهمّامي، وبشرى بالحاج حميدة، إضافة إلى رجال أعمال وحملة أسهم في وسائل إعلام خاصة

وأضافت إريكا غيفارا روساس: من المقلق للغاية تدهور استقلالية القضاء في تونس. وتقوِّض إساءة استخدام السلطة التنفيذية للنظام القضائي على نحو متزايد وتدخلها في إرساء العدالة، حقوق المتهمين في المحاكمة العادلة وسيادة القانون بصورة جوهرية. لا بد أن تتمسك السلطات التونسية بواجباتها الدولية تجاه حقوق الإنسان، من ضمنها الحق في حرية التعبير والحق في تكوين الجمعيات أو الانضمام إليها. ويجب عليها الكف عن استهداف الخصوم السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والمنتقدين

وتراوحت الأحكام القاسية التي صدرت فجر 19 أبريل/نيسان الماضي، بين 13 و66 عامًا، حسب المساعد الأول لوكيل الجمهورية بالقطب القضائي لمكافحة الارهاب

وقد شاب هذه المحاكمة غياب الإجراءات القانونية الواجبة وانتهاكات إجرائية جسيمة، حيث عُقدت جلستها الأولى في 4 أفريل 2025 دون حضور المحتجزين، ثم أُجلّت إلى 11 ثم 18 أفريل. وكانت نقابة المحامين قد تلقت سابقًا إشعارًا من المحكمة بأن المحاكمات المتعلقة بقضايا الإرهاب التي تجري في مارس وأفريل ستُباشَر بحضور المحتجزين عبر الإنترنت من داخل السجن، مشيرةً بصورة غامضة إلى “خطر حقيقي”. وقد طعن المحتجزون وفريق الدفاع عنهم بهذا القرار، محاججين بحقهم في الحضور في المحكمة. وأعلن المحتجزون رفضهم المشاركة في المحاكمة عبر الإنترنت وأصروا على الحضور شخصيًا

في 30 مارسر، بدأ جوهر بن مبارك إضرابًا عن الطعام احتجاجًا على انعقاد جلسات المحاكمة عبر الإنترنت. وفي 8 أفريل 2025، أعلن المحتجزون الخمسة المتبقون أيضًا إضرابهم عن الطعام لأسباب مشابهة. وبدأ المسؤول الرفيع في حزب النهضة سعيد فرجاني، الذي حُكم عليه بالسجن لمدة 13 عامًا في فيفري 2025 في قضية منفصلة، إضرابًا عن الطعام في 10 أفريل/ احتجاجًا على “المعاملة القضائية المتحيزة وغير النزيهة” في هذه القضية

خلال الجلسة الأولية، صرّحت المحكمة بشكل غير دقيق أن المحتجزين رفضوا المشاركة في المحاكمة وأغفلت ذكر طلبهم بأن يُحاكَموا حضوريًا أمام المحكمة. واعترض المحامون الحاضرون على ذلك، موضحين أن موكليهم رفضوا فقط المشاركة عن بعد. وتجاهلت المحكمة طلبات تأجيل المحاكمة إلى حين تمكُّن المحتجزين من الحضور شخصيًا والحجج التي تسلط الضوء على تعسفية احتجازهم المطول، الذي تجاوز الحد القانوني البالغ 14 شهرًا بموجب القانون التونسي. ثم أعلنت إرجاء الجلسة، وأعلنت فيما بعد أن المحاكمة سوف تُستأنف في 11 أفريل دون أن تعالج بواعث القلق هذه.

خلال جلسة المحاكمة التي عُقدت في 11 أفريل، مُنع بعض الصحفيين العاملين في وسائل الإعلام التونسية والأجنبية من الدخول إلى قاعة المحكمة. وقد نددت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين بإجراءات السلطات. كذلك مُنع بعض المراقبين من مجموعات المجتمع المدني، من ضمنهم فرع منظّمة العفو الدوليّة في تونس، من الدخول إلى قاعة المحكمة

اعتمد التحقيق مع المحتجزين على أدلة مشكوك فيها، من ضمنها رسائل على هواتفهم تبحث عقد اجتماعات مع دبلوماسيين ومواطنين أجانب آخرين، فضلًا عن اتصالات فيما بينهم تتعلق بإمكانية حشد معارضة سلمية لما أسمته السلطات “انقلاب” على الرئيس سعيّد

خلفية

بين 11 و25 فيفري 2023، اعتقلت فرقة شرطة “مكافحة الإرهاب” ست شخصيات من المعارضة السياسية على خلفية تهم ملفّقة بموجب المجلّة الجزائية التونسية والقانون المتعلّق “بمكافحة الإرهاب” عدد 26 لعام 2015، بما في ذلك “التآمر ضدّ أمن الدولة” ومحاولة “تبديل هيئة الدولة”، وهما تهمتان يمكن المعاقبة عليهما بالإعدام. كما اعتُقل رمزان بارزان آخران من رموز المعارضة، هما لزهر العكرمي وشيماء عيسى، في فيفري 2023 قبل أن يُخلى سبيلهما بكفالة تضمنت شروطًا تقييدية في جويلية2023 بعد ستة أشهر من الاحتجاز التعسفي