انتكاسة جديدة لحرية الصحافة في تونس
قرار تعقيبي قاس في حق محمد بو غلاب
في تناقض خطير بين القرارات القضائية لمحكمة التعقيب بتونس، وهي المحكمة التي تنظر في قانونية القرارات القضائية، قررت محكمة التعقيب أول امس الثلاثاء 11 فيفري 2025 تأييد قرار دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف، وهي دائرة تنظر في قرارات قاضي التحقيق، بإحالة الصحفي محمد بوغلاب على أنظار الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية. وسيحاكم على معنى الفصل 24 من المرسوم 54 الخاص بمكافحة جرائم أنظمة المعلومات والاتصال بتهمة الإساءة لموظف عموم على خلفية شكاية تقدمت بها أستاذة جامعية في حقه
ويأتي قرار المحكمة إثر تقديم الدفاع طلب التعقيب في جوان 2024 بعد صدور قرار دائرة الاتهام وبالتالي فإن الملف سيعود للدائرة المعنية لإحالته على الدائرة الجنائية وتعيين جلسة له ليكون بوغلاب بذلك في مواجهة عقوبة بالسجن قد تصل إلى 10 سنوات على خلفية نشره لتدوينة على حسابه الخاص على فايس بوك اعتبرتها الشاكية إساءة لها
وكان قاضي التحقيق في الملف المذكور قد أصدر في 5 أفريل 2024 بطاقة إيداع في حق محمد بوغلاب ليتواصل سجن بوغلاب على ذمة هذه القضية بعد أن أنهى عقوبة بالسجن لـ 8 أشهر في حقه أصدرتها محكمة الاستئناف بتونس على خلفية شكاية تقدمت بها موظفة بوزارة الشؤون الدينية على خلفية تعليق إذاعي حول التصرف المالي للوزارة
ويتواصل سجن بوغلاب في ظل تراجع كبير لحالته الصحية و فقدان شبه تام للنظر في احدى عينيه مما من شأنه أن يهدده سلامته الجسدية وحياته
إن النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين تعتبر قرار محكمة التعقيب اول أمس برفض التعقيب أصلا في قضية محكمة بو غلاب انتكاسة لقرارات سابقة لذات المحكمة وخطوة للوراء في فقه القضاء التونسي بعد صدور قرار تعقيبي جريء في 3 فيفري الجاري صادر عن الدائرة 29 لدى محكمة التعقيب نقض إحالة المحامية والإعلامية سنية الدهماني على الدائرة الجنائية في نقدها لموظفين عموميين واعتبر أن مجال انطباق هذا المرسوم لا يمكن أن تشمل وسائل الاعلام الخاضعة للمرسوم 115.
وتستنكر النقابة هذا القرار القاسي في حق الزميل محمد بو غلاب وتستغرب التضارب في القرارات القضائية الصادرة عن محكمة التعقيب في علاقة بمجال انطباق المرسوم 54 الخاص بمكافحة الجرائم الالكترونية
ويهم النقابة في هذا الخصوص التأكيد على أن الوسائط التي تحدث عنها المرسوم 115 تتضمن كل أشكال النشر التي نص عليها الفصل 50 منه كالرسوم والخطب والنشر في الأماكن العامة والمنشورات العموم وعلى المحامل المكتوبة والمسموعة والمرئية والالكترونية. كما تنبه إلى أن الفصل 24 المعتمد في ملاحقة بو غلاب قد ضرب مبدأ المساواة أمام القانون وجرم حرية التعبير واعتبرها جناية يعاقب عليها بعقوبات سالبة للحرية قد تصل 10 سنوات سجنا وهو خرق للمعايير الدولية في مجال حرية التعبير ولقيم الحرية والديمقراطية
كما تجدد النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين مساندتها المطلقة والمبدءية للزميل محمد بوغلاب وكافة الزميلات والزملاء المسجونين وتطالب بإطلاق سراحهم، وتحمل جزء هاما من المسؤولية القانونية والسياسية والاخلاقية في معاناة الزميل بوغلاب والصحفيين/ات المسجونين/ات ، وعامة المواطنين/ات المحالين/ات وفق المرسوم 54 لرئيس مجلس نواب الشعب ابراهيم بودربالة الذي يواصل، رغم الاتفاق المجتمعي والبرلماني على ضرورة التنقيح، احتجاز مبادرة برلمانية في الصدد منذ اكثر من سنة وعدم تمريرها للجنة المختصة في خرق مفضوح للتشريعات والقوانين والأنظمة الداخلية الجاري بها العمل
النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين