السلطات الجزائرية تحظر مرورالتكفيريين وجحافل الرقاة والكهنة والمشعوذين على الفضائيات

شدّدت سلطة ضبط السمعي-البصري في الجزائر أمس الأحد 15 جانفي، على ضرورة منع أي داع حامل للفكر التكفيري وكذا «جحافل الرقاة والسحرة والكهنة audio visuel algérieوالدجّالين والمشعوذين والنصّابين والمتنبّئين وتجار الأحلام وأشباه الحجّامين والأطباء المزيّفين، من التحدث عبر القنوات التلفزيونية الوطنية، وأكدت بأنها لن تسمح لأي كان بأن يستخف بعقول الجزائريين «ولو باسم الدين»، داعية الإعلاميين إلى التحلّي بالرصانة والسداد من خلال طرح الخطاب الوسطي على جميع الأصعدة، وترقية قيم المحبّة والتسامح والسلام وتعزيز حوار الأديان وثقافة التعايش

وأوضحت سلطة الضبط أن هذه الوثيقة هي بمثابة عرض حال لفترة استطلاعية أقدمت عليها بالتنسيق مع شركائها الرسميين على غرار المجلس الإسلامي الأعلى و وزارة الشؤون الدينية والأوقاف, فضلا عن عدد من الشخصيات والخبراء المعنيين بهذا القطاعين علماء دين وعلماء نفس وعلماء اجتماع وقانونيين وخبراء في الإعلام وأئمة وخطباء

وكشفت سلطة ضبط السمعي-البصري أمس، عن جملة من القواعد المحددة لكيفية تناول الشأن الديني عبر وسائل الإعلام الوطنية، من خلال وثيقة تم عرضها على القائمين على هذا المجال، مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية، موضحة بأن هذه الوثيقة هي بمثابة : عرض حال لفترة استطلاعية أقدمت عليها بالتنسيق مع شركائها الرسميين وعدد من الشخصيات والخبراء المعنيين بهذا القطاع من علماء دين وعلماء نفس وعلماء اجتماع وقانونيين وخبراء في الإعلام وأئمة وخطباء

وأشارت الهيئة الرقابية إلى أنها ارتأت إبلاغ نتيجة هذا العمل من أجل تقاسم نظرتها الاستشرافية مع سائر الإعلاميين بخصوص هذا الموضوع فائق الحساسية وذلك على أمل إطلاق دينامية جديدة من أجل تناول أمثل للشأن الديني، من طرف القنوات التلفزية والإذاعية الخصوصية منها والعمومية، معتبرة هذه الملاحظات جاءت في وقتها ومحلها كونها تأتي عشية الانتخابات التشريعية التي تستوجب ـ حسبها ـ حفظ الدين من أي محاولة لاستغلاله أو استعماله

وبعد أن ذكرت الهيئة الرقابية بأن الطابع المقدس لموروثنا الروحي منصوص عليه في الدستور بما لا يدع أي مجال للمساومة في حرمته، مشيرة إلى أن الإسلام هو أحد المكونات الأساسية للهوية الجزائرية، شددت سلطة ضبط السمعي البصري على أنه : « لن يسمح بتاتا بأن يستغل الدين إعلاميا أو أن يؤول لأغراض سياسية أو حزبية»، معربة عن أملها في رؤية الخطباء مستقبلا يعودون من تلقاء أنفسهم إلى عقد الخطاب الوعظي وفقا للمعتقدات المحلية، مع الالتزام بعدم الولاء الفكري للتيارات المعادية للحداثة والمناهضة للوئام المدني والمتعارضة مع تقاليد السلف الصالح، بما في ذلك نمط لباسنا القومي وذلك بفضل يقظة وانتباه ونزاهة الشركاء الإعلاميين

وبناء على كل ما سبق، شددت الهيئة على أنه : يحظر على أي داع حامل للفكر التكفيري التحدث من على الهوائيات الوطنية سواء كان جزائريا أو أجنبيا، وهو الأمر نفسه بالنسبة لجحافل الرقاة والسحرة والكهنة والدجّالين والمشعوذين والنصّابين والمتنبّئين وتجار الأحلام وأشباه الحجامين والأطباء المزيّفين الذين يعرضون أنفسهم جميعا للوقوع ـ يوما ما ـ تحت طائلة القانون في حالة ما ثبتت في حقهم محاولة النصب والاحتيال وارتكاب مختلف أنواع المحاذير والانزلاقات على النحو الذي يودي بهم في النهاية إلى افتضاح أمرهم ووضع حد لمكرهم وبهتانهم

وبعبارة أدق، أكدت سلطة ضبط السمعي-البصري بأنه «لا يمكنها أن تسمح لأي كان بأن يستخف بعقول الجزائريين ولو باسم الدين»، لافتة إلى أن : تحرير الإيمان من ربقة الإفك وسائر الأوهام يعد خلاصة هذه المقاربة التحليلية التي تشاطرها مع شركائها الإعلاميين

وسجلت في هذا الشأن : غياب البعد الروحي الغالب على البرامج الدينية الوطنية، فضلا عن انعدام حضور الفلسفة عن شاشات التلفزيون، الأمر الذي من شأنه في نهاية المطاف أن يحبس الإيمان ويحصره في مجرد إيماءات وممارسات حركية عديمة المعنى

كما شددت سلطة ضبط السمعي البصري على أنه : لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يحتكر سائر شؤون الدين على الإطلاق، كما لا يصح احتواء الإسلام في مجرد الرأي الفقهي العرضي، بل يتعين إتاحة الفرصة للدين كي ينفتح على سائر مجالات الحياة، حتى لا يسيطر على وسائل الإعلام السمعية البصرية خطاب اليأس والإحباط والقنوط والتعصّب والطائفية والتشدد، والكراهية والعنف والتمييز العنصري وكراهية النساء، ما من شأنه أن يقوّض كرامة الإنسان المنصوص عليها في القرآن الكريم

من هذا المنظور، ترى سلطة ضبط السمعي البصري بأنه «من المفترض أن تعالج البرامج الدينية سائر تعابير الثقافة الإسلامية والمعارف الإلهية من دون أن تبقى سجينة المسائل الفقهية كما يبدو عليه الحال اليوم». وأعربت عن : استغرابها من قيام بعض وسائل الإعلام باستضافة دعاة الفتنة الفاقدين لأدنى تكوين أكاديمي، بدل دعوة العلماء والباحثين الأكاديميين مما من شأنه المساهمة في رفع مستوى التفكير وعقلنة الخطاب الديني وصقل التحليل

وإذ ذكرت بأن الاعتزاز بالإسلام لا يعني مهاجمة الأديان الأخرى، مهما كانت، أو ازدرائها أو التطاول على رموزها أو الاستهتار بمعتقداتها ومقدساتها، شددت الهيئة على أن : الدفاع عن المرجعية الوطنية وبالرغم من كونه من الفرائض المدنية، لا يعطينا الحق في شتم باقي المدارس الفقهية والكلامية حتى تلكم التي هي مخالفة لنا في الاجتهاد والاعتقاد، داعية إلى احترام جميع الأديان بلا استثناء، وذكر سائر مذاهب ومناهج وطرائق المسلمين بالتبجيل والتوقير. كما دعت إلى السعي من خلال برامجنا السمعية البصرية إلى إرساء الأخوة العالمية التي لطالما جاهد من أجلها الأمير عبد القادر، مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة، قصد تكذيب نظرية «صدام الحضارات»، والمساهمة في إحلال ثقافة الرجاء في العالم والسعي لفعل الخير بدل الانخراط في الفرقة والفتنة التي هي من السلوكات المنبوذة في تعاليم الإسلام والغريبة عن تقاليدنا والمناقضة لميراث أجدادنا

وخلصت سلطة ضبط السمعي البصري إلى التأكيد على أن مصداقية القنوات الوطنية مرهونة بهذا الأمر الذي يمس شرف بلادنا ودبلوماسيتها المرموقة ومكانتها المستحقة عن جدارة في المحافل الدولية واحترامها للقانون الدولي المتعلق بحرية المعتقد المكفولة في الدستور. كما أن القنوات التلفزيونية مدعوة إلى التحلّي بالرصانة والسداد من خلال طرح الخطاب الوسطي على جميع الأصعدة مع ترقية قيم المحبّة والتسامح والسلام وتعزيز حوار الأديان وثقافة التعايش