السنوات العجاف : عشر سنوات … سنوات عجاف أردت أن أجد شيئا إيجابيا فلم أجد… كل سنة اقول ربما الوضع افضل و كل سنة اتاكد ان السابق كان افضل بكثير
حتى الحرية، سئمنا منها … انقلبت اليوم إلى فوضى … الى تدني الخطاب … إلى انحدار الأخلاق… إلى حقد … الى تصفية حسابات … و اخشى ان قريبا تترك المكان للدكتاتورية
عندما أعمق التفكير اقول اننا نحن رجال النظام السابق أخطأنا… نحن الدستوريون … نعم أخطأنا
محطات ضاعت … كنا نقدر فيها على تأسيس ديمقراطية حقيقية … بانتقال سلس
حركة الديمقراطيين الاشتراكيين كانت تكون الحزب المنافس … أو الحركة الشعبية … أو غيرهما
كان بالإمكان التأسيس لتداول مقبول بين أحزاب مدنية وسطية تتواصل فيها السياسات دون تغير مفاجئ مهما تعاقبت القيادات … و عندها – عندها فقط – ينزوي التطرف و يضعف المتطرفون من التوجه الديني أو اليساري أو القومي
كان بالإمكان تقليص الغضب و كان بالإمكان وقف الاصطفاف ضد الدستوريين
كان بالامكان تفادي الايادي الخارجية و تفادي الانتفاخ عند الإسلاميين و اليساريين
عشر سنوات ضاعت من حياة تونس
الان فقط عرف الناس أن الحركة الدستورية هي الأساس … اليوم عرف الناس ان الأخطاء لم تكن في الفكر الدستوري و انما كانت في بعض الممارسات الشخصية … استغلت ثغرات تنظيمية
اليوم … الحركة الدستورية تعود … و العودة طبيعية جدا …و العودة قوية جدا … و سوف تكون اقوى في المستقبل القريب
انا متفائل بهذه العودة … لان العودة هي التي سوف تعيد الوضع لحالته الطبيعية
الوضع الحالي ليس الوضع الطبيعي … الوضع الحالي هو وضع أعرج نمى بعد ضرب الدستوريين و حل حزبهم و محاولة تشتيتهم
الحركة الدستورية هي أعمق حركة و هي الوحيدة المتغلغلة في أعماق المدن و الارياف
انما يجب الانتباه من شيئين حتى لا نعيد أخطاء الماضي
الشيء الأول هو أن لا نبني الحركة على الأشخاص مهما كان دورهم و مهما كان نضالهم و انما نبني لمؤسسة كاملة متكاملة تقف في وجه كل هيمنة و في وجه كل انحراف … لا تموت بموت الأشخاص و انما تبقى و تتوارث
و الشيء الثاني هو أن لا نعتبر أنفسنا الوحيدين في البلاد فهناك آخرون لهم الحق في الوجود ، كما علينا أن لا نكون متطرفين حتى لا نخلق تطرفا مقابلا و علينا ان نبني تنافسا ديمقراطيا لا ان نبني تناحرا مجتمعيا
القيم الدستورية راقية جدا … المكنة السياسية لم تكن كما يجب في كل مرحلة
اليوم علينا أن نصلح المكنة السياسية
كما علينا أن نحافظ على القيم و هي الاهم
من هذه القيم : تونسية الأمة ( ليس ثمة أمة اخرى ) مركزية الدولة ( كفانا من التدبر الحر المدمر ) ، قوة القيادة ( هيبة القانون مع منع الشخصنة ) ، وحدة الوطن ( منع الجهوية و العروشية و العقائدية ) ، وسطية المجتمع : طبقة وسطى عريضة و مصعد اجتماعي حقيقي
أتمنى ان تعود تونس كما كانت و أن تكون افضل مما كانت
أنادي دائما ببناء الوسط الوطني … السبب في ذلك هو ان الوسط وحده هو القادر على ايجاد الأغلبية لتصحيح المسار و هو أيضا القادر على تهذيب المواقف و تجنيب البلاد الانقسام
الأستاذ الصادق شعبان