الإخواني أبو يعرب المرزوقي ينعت قيس سعيد بالإنقلابي المتخلف ذهنيا

افضل دستور
زعموه قلعة محصنة ضد الدكتاتورية

لما يفاخر مهندس معماري بأنه تصور بيتا يحول دون الخروج منه إلا بتهديمه ماذا يمكن أن يقال عنه ؟ طبعا أنه أحمق. ولما مهندس يجعل الجدران كلها ثغرات ماذا تقول عنه طبعا « بوجادي » يتعلم في الحجامة في رؤوس اليتامى. وسأضرب مثالين من الدستور الأفضل في العالم والحائل دون الدكتاتورية

المثال الأول

إذا عجز الحزب صاحب الكتلة الاكبر دون تشكيل الحكومة يحال الأمر لرئيس الدولة ليختار الأقدر. دون تعيين الاقدر فيم وعلام. ودون تعيين ممن يختاره . من الكتل الموجودة أم من الكوكب الذي جاء منه فضلا عن تحديد شكل التشاور الملزم في اختيإره
هذا وحده كاف لتمكين هذا الرئيس المتخلف ذهنيا من القيام بأهم انقلاب على ما توهموه قلعة محصنة ضد الانقلابات. لأن الاقدر المرسلة تسمح له بما فعل والتشاور غير الملزم يمكنه من أن يختار لصا كبيرا يقبل بتغيير مهامه من رئيس حكومة إلى وزير أول لخدمة من يكب على كتفيه من عينه
فيصبح حاميها حراميها. وقبل ذلك من ثبت خادم فرنسا في خطة حولت كل اجهزة الدولة المدنية في خدمة أمه وأم خلفه الذي نصح به فرنسا لتفرضه على الدمية في آخر لحظة بهاتف ليلي من خارج الكتل في حين أن الواجب هو أن يكون المعين من الكتلة الثانية كالحال في الـأنظمة البرلمانية بعد فشل الـأولى لو كان النص ذا صياغة دقيقة

المثال الثاني

عزل الرئيس بخرافة « الخطإ الجسيم » (صرنا من المجسمة) دون تحديد لمدلول الجسامة وحصر دور المجلس في الدعوى وتعليق القرار بحكم المحكمة الدستورية يعني إن أساس الاتهام وتحديد الجسامة ليسا من حق المجلس والمحاكمة تجري خارجه بخلاف ما عليه الأمر في أمريكا مثلا رغم أن نظامها رئاسي
فيكون المجلس الذي له حق له القدرة على تعديل الدستور ليس له القدرة على عزل رئيس في نظام يزعمونه برلمانيا أو حتى نصف برلماني كل يوم يحرف الدستور إلى حد تغيير طبيعة النظام لأن من توهم حماية الدستور جعل الرئيس طاغية لا يستطيع البرلمان حلا ولا ربطا من دون موافقته وامضائه. ويستطيع خز بالتحيل الذي يسمع به المثال الأول تهديده بالحل في كل لحظة
وحتى يبرروا الجبن والطمع يزعمون أنهم لا يخشون حل البرلمان ولكن مصلحة تونس تقتضي حفاظا على الاستقرار قبول سياسة الامر الواقع ومن ثم تشجيعه على التحول إلى فرعون يفعل ما يريد بدعوى أن دستور الجدرات أفضل من الدستور الذي أكله الحمار والحمار هو الدمية لأنه هو الذي يأكله حاليا

فقد ترتب على ذلك أن الرئيس يمكن بالتلاعب على المثال الأول استعمال ما يمكنه من سلاح فرض تحويل رئيس الحكومة إلى وزير أول وفرض كل الوزراء عليه-وهو تغيير النظام- بتهديد المجلس بالحل إن اطاح بالحكومة بسهولة. فيصبح هو مصدر شرعية الفرع الثاني من السلطة التنفيذية لأن بيده سيف ديموقلاس الحل
إذا كان هذا معنى القلعة الحصينة التي يفاخرون بقدرتها على حماية البلاد من عودة الدكتاتورية فإذا بها تصبح قطعة جبن كلها ثغرات للفئران فلا بد ان نسلم بأن كتبته من كبار العلماء ليس في الفقه الدستوري فحسب بل وكذلك في المنطق وفي تحصين الأنظمة السياسية ضد الدكتاتورية

صحة للحجامة في رؤوس اليتامى وذروة البهامة: الإسلاميون عندهم شعار يكررونه دائما وقد عجبت له في أول اجتماع حضرته وكان لانتخاب رئيس الكتلة الذي تبين لاحقا أنه كان يتذلل حتى لمن أعلن عليهم الحرب حاليا لا لشيء إلا لأنه شوشو الزعيم
المبدأ: نحن من يقترح للمسؤولية القوي الأمين ونستبعد من يطلبها. وهو مبدأ يحقق الكذب النسقي للتغطية على اقتراح الضعيف الذليل وليس القوي الأمين. لذلك فإنهم لا يحددون فيم تتمثل القوة والأمانة. إذ تبين أنها من جنس ما وصفت في جل المسؤوليات بدءا بالرئاسات والوزارات وخاصة في دستور قطعة الجبن
فالقوة ليست الكفاءة والطبع. والأمانة ليست الولاء للمهمة والقضية بل هي ولاء البهيم للزعيم ومعيارها القرابة ولو الجهوية وليس بالضرورة الأسرية. والنتيجة هي سياسة النعامة. فما تعانيه تونس اليوم ليس من الدمية وحده بل من الشروط التي جعلت مثل الدمية يمكن أن يكون رئيسا

فلو لم تصبح جل الاحزاب التي تدعي الثورية خلال الحملة الانتخابية هي التي دعت للتصويت له بدعوى أن منافسه فاسد وأصبح بمعجزة تجول الجوهر -كما في المسيحية-صالحا لأن كل شيء صار بيده إذ يمكن لو « رخ » أن يسقط كل البناء
فمن يعتقد أن البراميل التي تحارب مع بشار ثوري في تونس ومن يعتقد أن البسكلات التي تستمد وجودها من كذبة الدولة القوية والعادلة الذي تبين أنه انقلابي وعميل فرنسا لا يمكن أن يكون ذا بصيرة وليس خاضعا لغايات حقيرة
من افتضح ليس من يحاربها علنا فحسب بل من يدعي خدمتها: فرب صديق احمق اخطر من عدو ذكي. كل المأزق اليوم علته بدأت منذ اليوم الأول الذي تكونت فيه الترويكا عندما تصوروا المرزوقي وابن جعفر يمثلان الثورة واعتبروا أن الكفاءة في إدارة الدول تقاس بمدة السجن في النضال

طبعا لا يمكن تقييم الماضي بما تجلى في الحاضر. لكن السياسة إذا لم تكن فن التوقع فهي معنى الغباء السياسي. فالدي يقود المعارك السياسية إذا لم يكن مثل قائد الحرب الذي له استراتيجية يندرج ضمنها التكتيك يكون « مكتكت » بالتونسي
نسوا أن من فتح العالم وبنى دولة الإسلام هم من كانوا عتاة الجاهلية ثم لما حدثت الثورة واقتنعوا بها صاروا بما لهم من خبرة قياداتها الأساسية: فما سمعت بالإمام علي قائدا لأي حرب في تاريخ الإسلام ولا بانيا لدولة بل هو كان « خرنان » فخربها لحلفه مع بقايا الامبراطوية المهزومة كان دور دهاتها تخريب الإسلام باسمه
صار الجماعة يفهمون الإسلام أكثر من الرسول. صاروا ثوريين أكثر ممن حدد مستقبل الإسلام السياسي يوم فتح مكة فعين من سيتولى بناء دولة الأسلام بعد أن يستكمل الخلفاء الثلاثة الاول بناء أركانها: عين وظيفة الأمن ووظيفة العلم في من بنوا الدولة الأموية وهي الوحيدة التي فتحت العالم
والفتح لم يستأنف إلا مع العثمانيين. وما بين بني أمية والعثمانيين لم يفتحوا إلا الثغرات التي فتتت الخلافة فجعلوها خلافات جلها تابعة للباطنية ونحن المغاربة أعلم الناس بذلك لأن أول دولة باطنية تحققت عندنا: وها نحن نعيد الكرة وقد تتلبنن تونس

 

أبو يعرب المرزوقي