ثقافة : هل بدأت شيراز العتيري تصفية الحسابات و مغالطة الرأي العام بخصوص تنظيم التظاهرات؟

نحو رؤية أعمق لتنظيم وحوكمة المهرجانات والتظاهرات الثقافية والفنية

صدر منشور السيدة وزيرة الشؤون الثقافية المنشور عدد 5 المؤرخ في 5 مارس 2020 المتعلق بتنظيم وحوكمة المهرجانات والتظاهرات الثقافية والفنية ، ومن خلال تحليل دقيق ومعمق للموضوع ، يثير المنشور المذكور أعلاه الملاحظات والمعطيات الجوهرية التالية 

تضمن المنشور آنف الذكر منعا لعمل بعض المسؤولين من العمل صلب المهرجانات والتظاهرات الثقافية والفنية والحال أن النصوص المنظمة للموضوع لا تتضمن أحكاما صريحة بالمنع ( يمكن مراجعة الأحكام التي جاء بها الأمر عدد 438 لسنة 1989 المؤرخ في 15 مارس 1989 المتعلق بضبط نظام تأجير المتعاقدين مع وزارة الشؤون الثقافية بصفة غير قارة ) ، وباعتبار السلم الهرمي للنصوص القانونية والتي تعطي الأولوية في العلوية إلى الأوامر على المناشير ، فإنه لا يمكن في أي حال من الأحوال أن يتضمن المنشور أحكاما مخالفة للأوامر وفي صورة تضمنها أحكاما مخالفة فإنها تكون عرضة للطعن بعدم الشرعية . كما أن المنع الخاص ببعض المسؤولين يطرح التساؤل حول بقية الإطارات لأن المسألة تتجاوز المنع وتهم أساسا عملية الخلاص في التظاهرات ويطرح كذلك التساؤل حول خلاص المتقاعدين والخارجيين ومديري المهرجانات الذين يتقاضون منحا ومبالغا مهمة من ذلك مثلا أن مدير أيام قرطاج السينمائية يتقاضى منحة شهرية تصرف له من قبل مؤسسة مركز السينما والصورة تقدر ب4 آلاف دينار وكذلك الشأن بالنسبة لمدير مهرجان قرطاج الدولي، وعليه فإن الحكمة من التنظيم والحوكمة تقتضي أساسا مراجعة ملف تأجير مديري المهرجانات قبل كل شيء. كما كان من الأجدى كذلك منع عمل وخلاص المتقاعدين العاملين بالمهرجانات وهنا نستغرب عدم ذكرهم أليس في ذلك شبهة للتغطية عليهم ؟

توجد العديد من المراجع الترتيبية المنظمة للمهرجانات والتظاهرات الثقافية والفنية وهي خاصة : الأمر عدد 438 لسنة 1989 المؤرخ في 15 مارس 1989 المتعلق بضبط نظام تأجير المتعاقدين مع وزارة الشؤون الثقافية بصفة غير قارة ، منشور السيد وزير الثقافة عدد 54 المتعلق بتأجير الأعوان خلال التظاهرات الثقافية والمهرجانات الصيفية ، منشور السيد وزير الثقافة عدد 65 المؤرخ في 2 أكتوبر 2012 المتعلق بخلاص الأعوان العاملين بالمهرجانات الصيفية ، مكتوب السيد الوزير الأوّل المؤرخ في 15 ماي 1998 المتعلق بطلب إيضاحات بخصوص الجمع بين منحة الخطة الوظيفية ومنحة التظاهرات وتوفير وجبة الغذاء، منشور وزير الشؤون الثقافية عدد 33 المؤرخ في 16 ديسمبر 2019 ، منشور وزير الشؤون الثقافية عدد 3 المؤرخ في 11 فيفري 2020

#تتولّى الوزارة سنويا تنظيم العديد من المهرجانات والتظاهرات الثقافية والفنية من أبرزها مهرجاني قرطاج والحمامات الدوليين. والملاحظ في هذا الصدد أنّه ، بالرغم من مرور سنوات طويلة على تولّي وزارة الشؤون الثقافية عملية تنظيم تلك التظاهرات والمهرجانات بقي التصرف فيها مفتقرا لأطر قانونية وترتيبية واضحة وصريحة ، الشيء الذي خوّل للوزارة الثقافة ومختلف الهيئات التي تداولت على الإشراف على التظاهرات الثقافية إلى الاحتكام إلى طريقة : التصرف حسب الواقع .
وسدّا لهذا الفراغ القانوني، أصدرت وزارة الشؤون الثقافية بتاريخ 16 جانفي 2014 الأمر عدد 733 الذي أحدث المؤسسة الوطنية لتنمية المهرجانات و التظاهرات الثقافية و الفنية وقد كان الهدف من وراء ذلك وضع إطار قانوني واضح و محكم فيما يتعلق بالتصرف المالي و الإداري في المهرجانات و التظاهرات الثقافية و الفنية و تكريس قواعد التصرف السليم في الموارد المالية و البشرية التي يتم استغلالها بالمناسبة : يمكن مراجعة مذكرة شرح الأسباب للأمر سالف الذكر 
وتجدر الإشارة إلى أنّ النصين سالفي الذكر عالجا أهم المسائل المتعلقة بالتصرف في المهرجانات والتظاهرات الثقافية والفنية

يمكن حوصلة المعطيات المتعلقة بتنظيم المهرجانات والتظاهرات الثقافية والفنية فيما يلي

1) المعطيات المتعلقة بالتصرف في الموارد البشرية

عادة ما يتمّ اختيار العاملين والمتعاونين الخارجيين دون اعتماد معايير موضوعية تستند إلى الكفاءة و توفر المؤهلات الضروري:  (لا يتم الإعلان عن فتح باب الترشحات لعضوية الهيئات المديرة و بالتالي لا يتم تقييم مؤهلات الأعوان على أسس شفافة) ممّا أدّى إلى احتكار فئة معيّنة من الأفراد لعملية التصرف : خاصة في مجال الإعلام والاتصال )
وحيث أنّ ما تقدّم ذكره خالف بصفة صريحة التراتيب الجاري بها العمل وخاصة الأحكام التالية 

عدم نشر تركيبة الهيئات المديرة للمهرجانات ، بالأسماء والصفات والمهام 
الفصل 4 من المرسوم عدد 41 لسنة 2011 المؤرخ في 26 ماي 2011 المتعلق بالنفاذ إلى الوثائق الإدارية للهياكل العمومية.

2) المعطيات المتعلقة بالتصرف المالي

يتمّ بمناسبة هذه المهرجانات والتظاهرات الثقافية رصد ميزانيات هامة لا يقع التصرف فيها طبقا لقواعد المالية العمومية. وتتمثّل بعض أوجه الإخلالات في ما يلي 

#تأجير أعضاء الهيئات والأعوان الموضوعين على ذمة المهرجانات والتظاهرات الثقافية
يتمّ تحديد وصرف المنح بصفة جزافية ممّا أدّى إلى الإثراء غير المشروع بالنسبة لبعض الأشخاص خاصة مديري المهرجانات

الامتيازات العينية 
نذكر على سبيل المثال تمكين البعض منهم ( المدير والكاتب العام ) من الإقامة والسكنى بمباني على ملك الوزارة
( الإقامة التابعة للمركز الدولي بالحمامات خلال سنة 2012 و2013 2013)

.3) المعطيات المتعلقة بالجوانب القانونية

التعاقد مع مكتب محاماة دون احترام الإجراءات القانونية في اختيار المكتب و من غير سبب موضوعي باعتبار وجود هيكل بالوزارة مختص في الشؤون القانونية (إدارة الشؤون القانونية و النزاعات)، كما أن الهيئات المدير عادة ما تضم عضو بصفة مستشار قانوني : أنظر تركيبة هيئة مهرجان قرطاج 2013 و 2014

#مراجعة طريقة التعاقد مع مكتب محاماة من خلال إخضاع عقد الاستشارة للاجراءات المقررة للصفقات العمومية المتعلقة بالدراسات و عدم التغافل عن خصم نسبة 5 بالمائة من مبلغ الأداء على القيمة المضافة الموظفة على المبالغ التي تساوي أو تفوق الألف دينار وذلك عملا بأحكام الفصل 19 مكرر من مجلة الأداء على القيمة المضافة ، ضرورة التثبت من إنجاز النفقة من خلال إثباتها بوثائق تتضمن إبراز حاجة المؤسسة للحصول على خدمات مراجعة العقود علاوة على عدم احترام المسار الإجرائي والترتيبي للنفقة من ذات الطبيعة حتى لا يتم ترجيح أن المبلغ المذكور تم دفعه على سبيل المحاباة سيما أن الوزارة تتوفر بها هياكل مختصة يمكنها إسداء الاستشارة في موضوع الخدمة. وكذلك الأمر بالنسبة للعقد الممضى بين المؤسسة الوطنية لتنمية المهرجانات والتظاهرات الثقافية والفنية ومكتب المحاماة والتي تضمن خلاص بقيمة 29 ألف دينار سنويا بعنوان إنابات عدلية وتقديم استشارات دون إثبات حاجة المؤسسة للحصول على خدمات الإنابة والاستشارة علاوة على عدم احترام المسار الإجرائي والترتيبي للنفقة 

وعليه ، ولجملة هذه المعطيات فإن تنظيم وحوكمة المهرجانات والتظاهرات الثقافية والفنية تتجاوز مسألة منع عمل بعض الإطارات ضمن لجان التنظيم وهي مسألة أعمق مما جاء به منشور السيدة وزيرة الشؤون الثقافية عدد 5 بتاريخ 5 مارس 2020 

عن المكتب النقابى بجهة نابل
المكلف بالشوؤن القانونية والتشريع