شعيب نِمْري ، المهندس الشاب التونسي الذي لا يُقْهَرُ

كتب صديقنا ، المهندس التونسي المتميز الشاب شعيب نِمْري ، قصتَه التالية على حسابه بالفايسبوك ننشرها لقرائنا والشباب منهم خاصة ليستلهموا منها

قصة الصبر و العمل  و التحَدِّي ، ننقلها لكم بعد إذن صاحبها ، مكتوبة بأحرف من ذهب

أنا من النّاس اللذين يبدون حذرا شديدا إزاء ما يشاهدونه في التلفاز أو السّينما، كلّ ما تريه الشّاشة يبدو لي مزيّفا مهما بلغ واقعيّة. لم أكن أتوقّع يوما أن آتي أمامكم و أقول أنّ فلما، أو بالأحرى مشهدا من فلم، غيّر حياتي. من يعرفونني جيّدا يعلمون أنّ لديّ إعاقة عضوية خلقيّة. لم أمش على قدميّ يوما، أنا أتنقّل على كرسي متحرّك منذ صغري. كنت أجهل إسم إعاقتي. عايشني المرض و عايشته أكثر من عقدين من الزّمن، دون أن يواجهني أو أواجهه، دون أن يعرفني أو أعرفه، كان كلانا يتجاهل الآخر. أنا لم أشعر أبدا بأنّ قدراتي محدودة، ثمّ إنّني نادرا ما أتذكّر أنّني على كرسيّ متحرّك. لم أتعرّف على اسم إعاقتي إلاّ حين بلغت سنّ الثّالثة و العشرين. كنت أدرس بمدينة تولوز حينها. و كأيّ شابّ، كنت أحلم باكتشاف العالم الجديد و ما يخفيه عنّا المحيط الأطلسي. كنت أرغب بالدّراسة بجامعة جورجيا للتّقنيات بأمريكا و كانت لي أحلام أخرى عديدة. دفعني فضولي إلى البحث عن « العلّة و بنت العلّة » كما نقول في تونس

اتّصلت بخبراء في مجال علم الوراثة و طبّ الأعصاب و أمراض الجهاز التّنفّسي و أجريت تحاليلا و اختبارات تلو الأخرى حتّى يتمّ تشخيص المرض. لن أنسى أبدا ذلك اليوم الذي أماط فيه المرض عن لثامه، و سقط فيه عنه قناعه، و أصبح فيه لرفيق دربي المجهول إسم يعرّفه و أناديه به. لم أكن أتوقّع أن يكون لوقع كلمات الطّبيب يومها تلك القساوة و البرودة. مجرّد اسم، هذا ما كنت أبحث عنه، لكنّي حصلت على أكثر من ذلك. « أنت مصاب بضمور عضليّ خلقيّ من نوع أولريش » هذا ما قاله الطّبيب. أضاف : « هناك 50 حالة إصابة موثّقة في العالم ». رددت بمرحي المعتداد : « أمر جميل، إذن أنا عملة نادرة، أنا فريد من نوعي، إنّه إحساس رائع ». لم يكن الأمر ليحدث فارقا في حياتي لو لم يردّ الطّبيب بابتسامة أراد لها أن تخفّف وطئ ما سيقوله :  » شعيب .. أريد أن أصارحك و أن لا أخفي عنك شيئا .. أنت شخص راشد و مسؤول و أرجو أن تتقبّل ما سأقوله .. قدرتك التّنفّسيّة منهارة، لم يبق لك سوى 30% من قدرة إنسان عادي .. علينا أن نحافظ على تبقّى من نسيجك العضلي التّنفّسيّ .. من هنا فصاعدا، يجب عليك أن تستعمل آلة تهوئة ميكانيكية حتّى تريح جهازك التّنفّسيّ باللّيل و يكون لك أمل حياة عاديّ .. عليك استخدامها كلّ ليلة، مدى الحياة ». كانت المرّة الأولى و الوحيدة التي ضعفت فيها أمام مرضي و شعرت يومها باختناق غير عادي. تذكّرت عبارة شهيرة نقولها في تونس حين نكون محاطين بالمشاكل و المصائب من كلّ جانب : « الحمد لله حتّى على النّفس »، و مفردة « حتّى » هنا تفيد الإستبعاد و شبه استحالة فقدان هاته النّعمة. ها أنا ذا أصاب في مقتل، التّنفّس « يا رسول الله » ؟ هل هناك وظيفة حياتيّة أكثر بديهيّة ؟ هل سأعيش بما يكفي لتحقيقي كلّ ما أطمح له ؟ هل بقي لأحلامي معنى ؟ ماذا عن الولايات المتّحدة ؟ عن الدّكتوراه ؟ ماذا عن حبيبتي بالضّفّة الجنوبيّة للمتوسّط ؟ تساؤلات عديدة أعادتني إلى مربّع الصّفر حتّى أرتّب أوراقي و أفكّر مليّا بما أريد فعله حقيقة. أخفيت قلقي و حيرتي عن محيطي بنجاح. تصرّفت كأنّ شيئا لم يكن، بقيت مرحا كعادتي، و كثّفت نشاطاتي بالعمل الجمعيّاتي، و حرصت على التّميّز في دراستي. تسلّمت آلة التّهوئة الميكانيكية و حاولت استخدامها باللّيل، لكنّني رفضتها و لفضتها. كيف لي أن أتعايش مع هذا الكائن الغريب، بهوائه المضغوط الذي يدفعه نحو رئتي دون تزامن مع الدّورة التّنفّسيّة خاصّة، بضجيجه المزعج، و أضوائه التي لا تدعني أنام؟

بقيت الآلة على منضدتي سنة كاملة دون استخدام، إلى أن شاهدت فلما غيّر حياتي : نظريّة كلّ شيئ. يتحدّث الفلم عن حياة الفيزيائي النّظريّ الشّهير ستيفن هاوكينغ و يلقي الضّوء على محطّات هامّة من حياته الشّخصيّة، كعلاقته بزوجته السّابقة و تشخيصه بداء العصبون الحركي، الذي يمنعه من الحركة، أو الكلام، أو بلع الطّعام بصفة مطلقة. كان المشهد الذي أخبره فيه الطّبيب بطبيعة مرضه و تطوّراته ذا وقع كبير عليّ لأنّني عشته حقيقة بحذافيره. لأوّل مرّة، أشعر بصدق الشّاشة و فحوى ما تعرضه. لأوّل مرّة يمكن لي أن أقول أنّ فلما غيّر حياتي. فوجئت بردّة فعل هاوكينغ إزاء ما قاله الطّبيب : « كم تبقّى لي من العمر يا دكتور ؟ » أجاب الطّبيب « سنتان ». « ماذا عن دماغي ؟ هل للمرض تأثير على الدّماغ ؟ ». أجاب الطّبيب بالنّفي. « حسن، إذن بقي لي سنتين حتّى أعدّ أطروحة الدّكتوراه ». طبعا الكلّ يعلم أن هاوكينغ لم يمت بعد سنتين، و أنّه أضاف للفيزياء النّظريّة الكثير، تزوّج مرّتين و أنجب 3 أطفال. و هو على قيد الحياة إلى اليوم. عجبت لقوّته، ثمّ تساءلت: أنت لست أسوء حالا من هاوكينغ. ما هذا الجبن؟ توقّف عن هرائك و عش حياتك بعمق. قرّرت أن أستعمل آلة التّهوئة، و حتّى أتقبّلها، لم أعد أنظر إليها كأداة علاج. صرت أراها جوهرة تكنولوجية تختزل آخر ما توصّلت إليه المعرفة الإنسانية : ميكانيكا السّوائل، الدّيناميكا الحراريّة، نظريّات التّحكّم المعقّدة، قانون الغازات المثاليّة … صرت أنظر إليها بعين المهندس، و الباحث عن العلم، لم أتقبّلها فحسب، بل إنّني وقعت في حبّها
تجدون المشهد الذي أتحدّث عنه في أوّل تعليق
تقبّلوا محبّتي

شعيب نمري

*****

Ils étaient plusieurs à recevoir leur diplôme d’ingénieur lors de la cérémonie organisée par l’ENSEEIHT à Toulouse mais je vais m’arrêter sur l’itinéraire d’un seul d’entre eux.

Il s’agit de Monsieur Chouaieb Nemri. Il était l’un des lauréats honorés au cours de cette cérémonie. Chouaieb est tunisien. Il est handicapé moteur de naissance et se déplace en chaise roulante (électrique). Son itinéraire scolaire est celui d’un génie ni plus ni moins. Il a fait sa préparation aux grandes écoles à l’IPEST à la Marsa puis a intégré l’ENSEEIHT à Toulouse pour préparer un double diplôme franco-américain ENSEEIHT- Gerogia Tech (Gerogia Institute of Technology) (Moyenne 4.0/4.0 rang premier). En parallèle, il a obtenu, de l’Université de Metz, un Master of Science in Electrical and Computer Engineering.
Ses projets et stages ont été effectués aux USA, en Suisse, en France et en Tunisie sur des thèmes très variés mariant la robotique, l’informatique et toutes les formes des mathématiques appliquées.
Bien sur, il parle un anglais parfait et maîtrise cinq ou six langages informatiques.
Il vient d’être embauché Chez Renault (plutôt khatfittou Renault) comme Ingénieur de Recherche.
J’ai eu le plaisir de le saluer et de le féliciter. J’ai aussi exprimé toute mon admiration à son père ( et à travers lui à toute sa famille) qui l’a accompagné dans cette belle aventure.
Chouaieb est un héros de la vie et de la science. Il a fait de son handicap un moteur pour l’éducation et le savoir. Il a réussi brillamment là où beaucoup de valides ont échoué.
Il est une leçon de courage et un exemple de volonté.
Quand la tête est saine, il n y a point d’handicap!
Respect Monsieur et bonne continuation.

Ali Gannoun , Professeur à Université de Montpellier , le 8/10/2016