دعت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان السلطات التونسية إلى وضع حد لما وصفتها بأنماط الاعتقال والاحتجاز التعسفي والسجن، التي يتعرض لها العشرات من المدافعين عن حقوق الإنسان والمحامين والصحفيين والنشطاء والسياسيين
ودعا مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك السلطات التونسية إلى « وقف جميع أشكال اضطهاد المعارضين السياسيين »، وإلى احترام الحق في حرية الرأي والتعبير. وطالب أيضا بالإفراج الفوري لأسباب إنسانية عمن هم في سن متقدمة وعن الذين يعانون من مشاكل صحية
« اتهامات فضفاضة وغامضة«
وخلال حديثه للصحفيين في جنيف اليوم الثلاثاء، قال ثمين الخيطان المتحدث باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان إن العديد من هؤلاء يقبعون رهن الاحتجاز قبل المحاكمة، وهم يواجهون اتهامات فضفاضة وغامضة، على ما يبدو نتيجة ممارستهم لحقوقهم وحرياتهم
ونبه إلى أن ذلك يثير مخاوف تتعلّق بانتهاك الحق في حرية التعبير، والمحاكمة العادلة والإجراءات القانونية الواجبة
وفقا لمفوضية حقوق الإنسان، من المقرر أن يحاكم أكثر من 40 شخصا، بداية آذار/مارس، من بينهم معارضون من مختلف الانتماءات السياسية، أمام المحكمة الابتدائية في تونس العاصمة. وهم ينتمون إلى مجموعة وُجِّهَت إليها تهم « التآمر على الدولة » وأخرى مرتبطة بالإرهاب. ولا يزال سبعة منهم على الأقل رهن الاحتجاز قبل المحاكمة منذ شباط/فبراير 2023، والبعض منهم موجودون خارج البلاد، وسيُحاكمون غيابيا
وتحدث الخيطان عن قضية مدير المشاريع في المجلس التونسي للاجئين، عبد الرزاق الكريمي، الذي قال إنه يدخل أسبوعه الثالث من الإضراب عن الطعام في الاحتجاز. وقد تم اعتقاله في أيار/مايو من العام الماضي مع رئيس هذه المنظمة غير الحكومية مصطفى الجمالي. وكلاهما متهمان بإيواء مهاجرين من جنوب الصحراء الكبرى بشكل غير قانوني، وفقا للمتحدث باسم المفوضية
كما تخوض المحامية عبير موسي، رئيسة الحزب الدستوري الحر، إضرابا عن الطعام منذ أسبوع. وهي معتقلة منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023 وتواجه خمس قضايا، تتعلق اثنتان منها بحرية التعبير
وفي قضية أخرى، أشار الخيطان إلى إلقاء القبض على المحامية سونيا الدهماني، على خلفية تصريحات أدلت بها في إحدى الإذاعات الوطنية حول العنصرية ووضع المهاجرين من جنوب الصحراء الكبرى في تونس. وبعد أن حُكم عليها في البداية بالسجن مدة عام، خَفَّفت محكمة الاستئناف الشهر الماضي الحكم إلى ستة أشهر
قضية : إنستالنغو
وأضاف الخيطان أن المحكمة الابتدائية أصدرت في وقت سابق من هذا الشهر أحكاما بالسجن لفترات مختلفة تتراوح بين خمس سنوات و54 عاما، على 41 شخصا في ما يعرف بقضية : إنستالنغو
وتشمل التهم « التآمر » على أمن الدولة وارتكاب جرائم ضد رئيس البلاد، « في محاكمة شابتها انتهاكات مزعومة للمحاكمة العادلة والإجراءات القانونية الواجبة ». ومن بين المدانين سياسيون وصحفيون ومدونون
في موازاة ذلك، تقول المفوضية إن الرئيسة السابقة لهيئة الحقيقة والكرامة سهام بن سدرين، البالغة من العمر 75 عاما، لا تزال قابعة في السجن في انتظار المحاكمة. وقد مدّدت السلطات الشهر الماضي اعتقالها لأربعة أشهر إضافية. وتم نقلها مؤخّرا إلى المستشفى بعد أسبوعين من الإضراب عن الطعام
وحثّت المفوضية السلطات في تونس على إعادة النظر بتشريعاتها الجنائية، وضمان توافقها مع قواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان ومعاييره. ويجب الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين تعسفا. كما يجب ضمان المحاكمة العادلة ومراعاة الأصول القانونية الواجبة لمن وجهت إليهم تهم بارتكاب جرائم