رسالة مفتوحة الى السيد عبدالحميد الجلاصي
هذا ما جنيته انت على نفسك ولم يجن عليك أحد
استقالتك ليست انتصارا للديمقراطية و يأسا من الإصلاح من الداخل كما ادعيت في نص رسالتك
استقالتك هي حصاد ما زرعته سابقا
استقالتك هي ذرّ للرماد في العيون حتى لا تعترف بأنك فشلت وأنك مذعورا من أن يطلق عليك رئيس حركتكم رصاصه ، فيكشف ملفاتكم، فيرديكم صرعى الى الابد
استقالتك الثانية هذه المرة هي خروج من الباب الضيق، بل هي خروج من ثقب ضيق في الحائط الخلفي لمقركم في مون بليزير
استقالتك هي نتيجة لما اقترفت يداك من مظالم في حق رفاق دربك الذين لم يقترفوا ذنبا سوى أنهم لم يكونوا قطيعا تسوقهم أينما شئت وكما شئت ، كما هو حال الكثيرين
أنت مهندس ، فهندست لنا تنظيما حديديا ابعد ما يكون في طبيعته عن سماحة الاسلام، وهو نفس التنظيم الذي تصفه اليوم باللاديمقراطي لم يتغير فيه شيء، استقويت به علينا، فتوهمت أنك عزلتنا و انتصرت علينا ، نحن الذين لم يكن في خلدنا أننا في صراع معك، ونسيت أنها » لو دامت لغيرك لدامت اليك »
لقد ناضلنا مثلك، و ضحينا بالغالي و النفيس مثلك وكان املنا جميعا ان نخدم بلادنا و نحن متضامنون و متعاونون ، ولما فتح الله علينا من حيث لم نحتسب و أكرمنا بالحرية ، غرتك و الثلة التي معك الدنيا و لعبت برؤوسكم كعكة السلطة ففقدتم توازنكم و تكبرتم و تجبرتم و استقويتم علينا بالأموال و المناصب و العلاقات و ثقة التونسيين الذين اعتقدوا و لا يزال جزء منهم يعتقد أنكم خير من غيركم ، فقربتم من تشاؤون من الانتهازيين، و ابعدتم أصحاب الرأي و المشورة احتياطا و توهما من أن ينافسوكم كعكة السلطة المسمومة و أنتم لا تعلمون
بل لقد استبعدتم إخوانكم و تقربتم لجلاديكم و تباهيتم ببناء علاقات مع رموز الثورة المضادة و ازلام المخلوع
لقد توخيتم كل الأساليب القذرة لعزلنا، واعتمدتم الوشاية و نقل الأخبار الزائفة لرئيسكم لاستئصالنا دون محاكمة عادلة
لقد أوذينا في اهلنا و أعراضنا و و طننا ودنيانا فصبرنا علنا ننتصر في يوم يكون قريبا أو بعيدا على جلادينا فنخدم بلادنا مع كل التونسيين دون إقصاء و محاكمات للنوايا ، واذا بنا في هذا اليوم الذي هرمنا من أجل بلوغه نجد أنفسنا على قارعة الطريق نرواح مكاننا في نفس المربع الذي خُصص لنا زمن الاستبداد، ولكن المسؤول هذه المرة ليس خصما و لا منافسا و إنما هو مجموعة من رفاق الدّرب ، كنت انت على رأسهم سيد عبدالحميد، استأثروا بالقرار فاستبعدوا إخوانهم و حرموهم من لذة خدمة بلادهم ظلما و عدوانا
يستطيع الإنسان أن يصبر على ظلم الأعداء و المنافسين و الخصوم ولكن من الصعب أن نصبر على ظلم و قهر رفاق الدرب
لقد أحدثتم فينا فتنة عجز نظام المخلوع ان يحدثها فينا
شوشتم على أذهان أهلنا واحدثتم في مشاعرهم جروحا لن تندمل بسرعة. لم يفهموا كيف أن واحدا من ابنائهم حوكم و تشرد و تغرب و يوم وصلت حركته للسلطة بقي هو على هامشها ، لا دور له و لا وزن كما كان يوم كان معارضا على الاقل، و قد كانت تساؤلات الأهل و الأقارب و الأصدقاء هذه تستهدفنا من الجهات كلها، لماذا لا تساهموا في إعادة بناء بلادكم مثل رفاقكم ، السادة الوزراء و الولاة و النواب ووووو
ألستم نهضويين مثلهم؟ ألم تحاكموا مثلهم؟ ألم تتغربوا مثلهم؟ ألم تعرضوا أهلكم للمضايقات مثلهم؟ ألم؟ ألم؟
أسئلة يعجز كبار علماء الكلام ان يجدوا لها الأجوبة المقنعة
أسئلة كانت توجه إلينا وكأنها أسهم و سكاكين تمزق أجسامنا
كوارث أحدثها أمثال هذا النوع من القيادات التي لا أستطيع أن أصفها الا بالفاشية، ثم يأتي زعماء التبرير و يقولون لك بكل بساطة لقد اعتذر لكم السيد عبدالحميد
الأعمال بمالاتها سيد عبدالحميد، فماذا ينفعنا اعتذارك بعد هذه الكوارث التي تركتها فينا و في أهلنا خصوصا
عزاؤنا هو أن وضعنا الآن عند التونسيين أفضل بكثير من وضعكم و وضع أمثالكم سيد عبدالحميد
الحمد لله ، الأيام دول، وأن الله يمهل و لا يهمل ، فلا تبحثوا عن مبررات لفشلكم خارج اعمالكم و ما قدمت أيديكم
اتمنى أن أكون قد أفلحت في تبليغكم ولو قليلا من كوارثكم التي لحقتنا و أهلنا بسبب احقادكم و تكالبكم على السلطة، لعلكم تتوبون الى الى الله و تعتذرون الى ضحاياكم في العلن و على الملأ .
تحياتي
مصطفى الأونيسي